وقع أكثر من 40 حزبًا وحركة سياسية وفصائل مسلحة مختلفة اتفاقية إطارية مع الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، والتي ستشهد اتفاقًا إطاريًا. تنتقل إدارة الدولة إلى سلطة مدنية تحكم البلاد بشكل انتقالي لمدة عامين.
وسيقتصر دور المؤسسة العسكرية على الأمن والدفاع مع دمج قوات الدعم السريع ضمن وحدات الجيش السوداني.
ومع ذلك، في الحقيقة، لم تتعمق تحديات السودان إلا بعد قرار من البرهان بتجميد حكومة عبد الله حمدوك وإعادة تفعيلها نتيجة الضغط الشعبي حتى استقالتها في 2 يناير 2021. منذ ذلك التاريخ، واجهت البلاد احتجاجات واسعة النطاق تطالب بإخراج الجيش من الحكم والسياسة.
في أثناء، لا تزال الأحزاب في حركة قوى الحرية والتغيير (وتحديداً مجموعة الميثاق) ، إلى جانب مختلف القوى المحافظة، تؤيد بالكامل إبقاء المؤسسة العسكرية في السلطة.
وتوافق حركة المجلس المركزي بقيادة قوى الحرية والتغيير على مواصلة الشراكة مع المؤسسة العسكرية بقيادة مدنية، و دعم الاتفاق الإطاري الأخير مع قيادة الجيش.
تبقى الحقيقة – منذ سقوط البشير، كان السودان كذلك تتعثر في الاتفاق على ما ينبغي أن تكون عليه حكومتها البديلة.
من جهة تواجه انقساماً بين مكونات حركة قوى الحرية والتغيير، ومن جهة أخرى تخاطر بانقسامات أخرى بين القوات المدنية والمؤسسة العسكرية.
عارضت قوى التغيير الجذري التي تضم الحزب الشيوعي ولجان المقاومة وقوى أخرى الاتفاق ورفعت شعار “لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية” مع المؤسسة العسكرية.
في الواقع، تكاد مشاكل تنفيذ الاتفاق الإطاري هي نفسها التي واجهت اتفاق المرحلة الانتقالية الأولى. المسألة ليست في توقيع اتفاقيات بين مختلف المكونات كما حدث خلال السنوات الأربع الماضية أكثر من مرة، وإنما في وجود إرادة سياسية من جميع الأطراف لتنفيذ ما يتم توقيعه.
هذا هو التحدي الكبير الذي يواجهه السودان حاليا.
لطالما كان الإجماع السوداني الهش خلال السنوات القليلة الماضية عرضة لانتكاسات مختلفة في ظل الخلاف بين القوى المدنية الراديكالية والثورية التي ترفض تمامًا التعامل مع الجيش، وأخرى تقبلها.
تكمن معضلة الفترة الانتقالية في وجود عدة رؤساء للسلطة ومراكز صنع القرار.
هناك دائمًا صعوبات في اتخاذ القرارات الحاسمة، لأنها تستند إلى العديد من التعديلات من أجل إنتاج قرار سياسي أو اقتصادي كبير في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية عميقة، فضلاً عن الانقسامات العرقية والإقليمية.
إن تمديد الفترة الانتقالية إلى السنتين القادمتين يحمل مخاطرة كبيرة، فالسلطة ليست منتخبة ولا مركزية وغير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة.
إنها مخاطرة أن تكون مدركًا لها حتى لا تنهار تجربة التحول الديمقراطي بأكملها.
عن عمرو الشوبكي
قام عمرو الشوبكي بتأليف مجموعة متنوعة من المقالات والمقالات والكتب، وهو عضو سابق في البرلمان المصري، ويستخدم خبرته السياسية لتحليل ومناقشة الصراعات والحركات السياسية الحالية، خاصة في العالم العربي.
تشمل أوراق اعتماده درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة باريس 1 بانثيون سوربون، وقد ألف عناوين مثل “أزمة الإخوان المسلمين في مصر ” و “الإسلاميون والديمقراطيون: إشكاليات بناء حركة إسلامية ديمقراطية“.
وقد كتب أيضًا لمجموعة متنوعة من المنشورات بما في ذلك “المصري اليوم” ، ومعهد الشرق الأوسط، والصحيفة الفرنسية “لو فيغارو”.